علاقات العمل كعلاقة نزاع

Publié le par Sahli Yacine

.علاقات العمل كمأسسة للنزاع:

        إن منظومة علاقات العمل لا تتأسس على وهم مجتمع مصالح مشتركة بين شركاء اجتماعيين، و إنما وجود مصالح متباينة عادة و متعارضة أحيانا. و من أجل التغلب على مصدر النزاعات التي تترتب عن تنظيم العمل ، شجعت كثيرا من الإدارات على أشكال أمست ممكنة خاصة بفضل " العلاقات الإنسانية": التي تقوم على " التعاون السلمي والخاضع و المطاوعة la collaboration". بتعبير آخر يعد  معظم مسيري المؤسسة النزاع كظاهرة عرضية ، ناجمة عن عوامل سيكولوجية لاحباطات العمل اليدوي ، لوتيرة العمل و التقسيم التقني للعمل ...الخ. وليس نتاج البنية أي بنية المؤسسة و طبيعة العلاقة القائمة السائدة في المؤسسة. فالمجهود الذي يبدله المسيرون ، هو تقديم ضرورة : تنسيق  المجهودات لكل العناصر من أجل هدف واحد ومتجاهلين أن المشكلات التنظيم هي مشكلات  منظومة من الوسائل المستخدمة من أجل غاية معينة. و التي يكون غالبا أفراد المؤسسة  لهم فيها آراء متباينة. لذلك تبدو المؤسسة تظهر كمنظومة لسلطة مكلّفة بالضرورة لفرض على الكل غايات البعض، و التي لا يتفق معها بصورة تلقائية البعض الآخر ، من الأعضاء.()

       إنّ مأسسة النزاع هي وضع إجراءات و قواعد و قيم غايتها التنظيم و إعادة التنظيم  وتوجيه و تسوية النزاعات . و التي يعترف بها الأطراف المتنازعة ضمنيا أو صراحة . فنسق علاقات العمل هو نسق قواعد sytème de règles كما يؤكد ذلك " فلاندرز" Flanders  ـ أحد أبرز المنظرين الأنجليز ، إذ يفضل تعريف علاقات العمل على أنها: ((نسق من القواعد التي تظهر في أساليب و اشكال مختلفة كالأحكام التشريعية و الدستورية وفي لوئح النقابات و في الاتفاقيات الجماعية و قرارات التحكيم ، و في المعاهدات و القرارات الإدارية  وفي العادات و الممارسة المقبولة )).() مما يدل على أن علاقات العمل لا يؤسسها القانون  فحسب وإنما اللعب الاجتماعي ، لذي يظهر في التعريف في العادات و الممارسات  التي يصفها " فلاندرز" بالمقبولة أي تلك القواعد التي يبنيها الفاعلون من خلال التفاوض والمسالعة و التنازلات . لأن قانون العمل ، يسمح بوضع إجراءات المفاوضة  المنتظمة والتمثيل، و الاتفاق الجماعي collective convention ... تؤدي إلى مأسسة علاقات  العمل . مما يبين أن علاقات العمل ليست تلقائية وعفوية و إنما هي بناء جماعي اجتماعي.)( كما تبيّن أن وضع قواعد العمل هو دائما ضمن قواعد أخرى مؤطرة لها ، مشروعة وشرعية . تلك القواعد التي تبني قواعد اللعب الاجتماعي بترهين مصالح يتمثلها الفاعلون و المكرّسة لعلاقة الغلبة أو التأثير المتبادل للفاعلين. الذين يفترض أنهم ينضون في لعبهم  ضمن مشروع واحد. ومن هنا فإن مأسسة النزاع لا تغدو في كونها احتواء للنزاع وتدجينه والحيلولة دون وقوعه أو تخفيض من قدرة الفاعلين على الإزعاج.

 

 

-Idem., p.22.

- Hyman R.,Introdustrial Relations, a Marxiste Introduction,Macmillan, London,1975, p.p. 11-12 عن:  علي غربي ، العلاقات الصناعية في المجتمع المصنع ، دراسة سوسيولوجية، رسالة لنيل دكتوراه في علم الاجتماع ، إشراف د. أ. النكلاوي ، جامعة القاهرة، كلية الآداب، السنة الجامعية 1989. ص 13

-Piriou J.-P., Op.cit., p.65.

Publié dans Sociologie

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article