استراتيجية المنشأة الصناعيّة العموميّة الجزائريّة - الجزء السابع

Publié le par Sahli Yacine

إستراتيجية المنشأة الصناعية العمومية الجزائرية

الجزء السابع

II. مرحلة التمركزية الاقتصادية و خلخلة سلطة التقنوقراطية و قيام سلطة البيروقراطية:

نحو نهاية السبعينات، تمّ إعداد حصيلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. و كان مؤداها: أن المؤسسات الصناعية  العمومية ، أساء مسيّروه استعمال الموارد الموضوعة تحت تصرفها ومسؤوليتها. فقام متخذو القرار الاقتصادي الجدد، و احتراما لعمليات إستراتيجية سارية المفعول، اتخذوا جملة من القرارات. التي من شأنها إصلاح الاعوجاج الاقتصادي وضمان تنمية اقتصادية. ولكن ما الذي حدث في مستوى الممارسة بالضبط؟

بعد مضي سنتين من توقيف التخطيط 1978/1979، انطلقت سيرورة  التنمية من جديد يحالفها في ذلك ارتفاع سعر برميل البترول الذي وصل سنة 1981 إلى قمة 40 دولار للبرميل ، وشهد ميلاد المخطط الخماسي الأول ( 19801984 ) والذي اتبعه المخطط الخماسي الثاني(1986-- 1987 ) و الذي لم يعمّر طويلا. فكل المعطيّات الأساسيّة تغيّرت. فبين نهاية 1985 و السداسي الثاني 1986 انتقل سعر الدولي للبترول من 26دولار أمريكي إلى 12.5دولار أمريكي للبرميل. فمداخيل الدولة الخارجية بطرت بنسبة  41% . وكل الإسقاطات الاقتصادية، ابتداء من 1986، أمست لاغ، تدفع إلى المراجعة بالنقصان، نقصان الموارد المالية الممنوحة للمؤسسة العمومية الصناعيّة.() و تبعا لذلك تضاءل مستوى الاستثمارات ، إذ منذ 1986 : على قرابة 34 مليار د.ج الموجهة إلى المؤسسة العمومية  أصبح الظرف المالي المخصص 29 مليار دينار جزائري .و  في 1987 حدد بـ 27 مليار د.ج. كما لا يفوتنا الإشارة إلى نظرا للقدرات التكنولوجية الوطنية المحدودة كما و كيفا دفعت المؤسسة العمومية الصناعية إلى التزوّد بها من الخارج. وحدث تحولا بالمقارنة مع السنوات الماضية في شكل اكتسابها من " منتوج في اليد" إلى  صالح " مفتاح في اليد " قرابة 75% خلال 1980 إلى 1985. مع العلم أن المؤسسات العمومية الصناعية استمرت في الاستفادة من سيل من الموارد البشرية.وإجمالا من 1980 إلى غاية 1984، عدد العمال الصناعي زاد عن 431000 إلى 495000 و في 1985 وصل إلى 510000 .والشيء الملاحظ هو زيادة نسبة تأهيله والذي يستلزم تأطيرا أكبر في المؤسسات.()

و حسب مصادر رسميّة في متوسطها أكثر من 4/1 من أهداف  الإنتاج ثم بلوغها. وفي الحقيقة هذه المؤشرات تم  تحريفها. إذ أن المؤسسة الصناعية العمومية كانت تميل إلى تحديد أهداف الإنتاج إلى مستويات أقل بكثير من المعايير الحقيقية. مما يدل على اللعب الاجتماعي مستمر و غير منتهي و أنها يقوم على المفاهمات و التنازلات . و كان رهان هذا اللعب هو القدرة على الحصول على إحصائيات ما يدعى بـ  " مجموع إنجازات أهداف الإنتاج(T.R.O.P) "  مقبولا وموافقا للخطة. والرهان تحديدا  في هذه اللعب ،  هو : منحة  " المردودية الفردية P.R.I. "  و"الجماعية P.R.C " . إنها تشكل عامل تحفيز العمال وابقاء السلم الاجماعي في إعادة توزيع الريع البترولي بشكل  " مُرض " للفاعلين في مختلف مستويات سلطة القرار . لذلك ينالون هذه المنحة ليس على حسب قاعدة مالية و إنما فيزيائية فحسب.() و يبدو أن هذا النوع من الممارسات عادي في الاقتصاد المخطط  الممركز  والذي يجعل من المتعذر للمنظومة ذات  " الاقتصاد الموجه بواسطة التخطيط E.C.P. " القدرة على التحكم في الواقع المادي للمؤسسة و التمكن من مراقبة كل شيء . و الطابع الوهمي والمخادع لـ T.R.O.P . ذلك أنه  يُظهر التناقض بين T.R.O.P. دائم الارتفاع  والانخفاض النسبي الذي تعرفه المؤسسة و قد يصل إلى انخفاض مطلق. مما يؤكد اعتراف الضمني للبيروقراطية الإدارية والسياسية عجزها على هيمنتها في القطاع الصناعي واستحوذاها على سلطة القرار الاقتصاديمن جهة ، وتواطؤها في تسيير تصفها بأنه غير رشيد من جهة أخرى. هذا الاعتراف، وهذا التواطؤ لم يكن إلا حلا مقبولا لإبقاء السلم الصناعي ، و من هنا الاجتماعي. فمن 1983  إلى 1985 الـ T.R.O.P. للمؤسسات العمومية الصناعية يتراوح بين 85 إلى 95 %. في حين الإنتاج الصناعي ـ و بعد مرحلة انخفاض ـ سقط بشدة من 10 %  في 1983 . هذا رغم ما عرفته المؤسسة العمومية من ورود متواصل ومتزايد للموارد، فيبدو أنها فشلت و لم تفلح في تنشيط و تفعيل أدوات إنتاجها. فالخلل والتباين الذي ظهر في السبعينيات بقي يتزايد مستبعدا و مبررا استبعاد هدف الاستقلال الاقتصادي الذي طالما ناشدته الخطابات الرسميّة.

-Sari M., op.cit, p.18.

-Idem., p.19.

-Sari M., op.cit., p.21.

Publié dans Sociologie

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article
ا
<br /> تعليقي فقط سيكون عن التهميش ومصدر المعلومات <br /> <br /> <br /> من خلال موضوع المنشور والموسوم ب استراتيجيةالمنشأة الصناعية العمومية الجزائرية من خلال سبعة اجزاء <br /> <br /> <br /> لاحظت هناك غياب أو بالأحرى تهميش لبعض المعلومات غير واضح <br /> <br /> <br /> ولهذا نرجو منناشر هذا المقال المميز أن ينيرنا بتهميش واضح قصد الاستعانة بهم<br />
Répondre
S
المعذرة سيدي .. المشكلة تقنية ..تتعلق بالصفحة ذاتها التي يبدو أنها صُمّمت لغير اللسان العربي .. إذ أردت النسخة الصلية يمكنني أن أبعثها لك في بريد إلكتروني